responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 6  صفحه : 307
تَعْظِيمًا لَهُ، وَيَكُونُ بُعْدُهُمَا عَنْهُ قَدْرَ ذِرَاعَيْنِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَرْفَعَا أَصْوَاتَهُمَا، وَتَقِفُ أَعْوَانُ الْقَاضِي بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَكُونُ أَهْيَبَ وَقَدَّمْنَا الْخِلَافَ بَيْنَ الشَّيْخَيْنِ فِي ابْتِدَاءِ الْقَاضِي لَهُمَا بِالسُّؤَالِ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ هُنَا، وَالْأَصَحُّ عِنْدَنَا أَنَّهُ يَسْتَنْطِقُهُ ابْتِدَاءً لِلْعِلْمِ بِالْمَقْصُودِ، وَلَا يَتَعَجَّلُ عَنْ الْخُصُومِ وَلَا يُخَوِّفُهُمْ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ بَيْنَ يَدَيْهِ إذَا جَلَسَ لِلْحُكْمِ رَجُلٌ يَمْنَعُ النَّاسَ عَنْ التَّقَدُّمِ إلَيْهِ مَعَ سَوْطٍ يُقَالُ لَهُ الْجِلْوَازُ، وَصَاحِبُ الْمَجْلِسِ يُقِيمُ الْخُصُومَ بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى الْبُعْدِ وَالشُّهُودُ بِقُرْبٍ مِنْ الْقَاضِي. قَوْلُهُ (وَلْيَتَّقِ عَنْ مُسَارَّةِ أَحَدِهِمَا وَإِشَارَتِهِ وَتَلْقِينِ حُجَّتِهِ وَضِيَافَتِهِ) أَيْ وَلْيَجْتَنِبْ عَنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ؛ لِأَنَّ فِيهَا تُهْمَةً وَمَكْسَرَةً لِقَلْبِ الْآخَرِ وَالْمُسَارَّةُ مِنْ سَارَّهُ فِي أُذُنِهِ وَتَسَارُّوا تَنَاجَوْا كَذَا فِي الْقَامُوسِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يَجْتَنِبُ الْكَلَامَ مَعَهُ خُفْيَةً قَيَّدَ بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ اجْتِنَابُ مَيْلِ قَلْبِهِ إلَى أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي وُسْعِهِ كَالْقَسْمِ وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ، وَلَا يَنْبَغِي لِلَّذِي يَقُومُ بَيْنَ يَدَيْ الْقَاضِي أَنْ يُسَارَّ أَحَدًا مِنْ الْخَصْمَيْنِ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ نَائِبُ الْقَاضِي اهـ.
وَأَمَّا مَنْعُهُ مِنْ ضِيَافَةِ أَحَدِهِمَا فَمَا رَوَاهُ الْحَسَنُ فَقَالَ جَاءَ رَجُلٌ فَنَزَلَ عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَضَافَهُ فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُخَاصِمَ قَالَ لَهُ تَحَوَّلْ فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَانَا أَنْ نُضِيفَ الْخَصْمَ إلَّا وَمَعَهُ خَصْمُهُ قَيَّدَ بِضِيَافَةِ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يُضِيفَهُمَا مَعًا لِمَا رَوَيْنَاهُ (قَوْلُهُ وَالْمُزَاحُ) أَيْ وَلْيَتَّقِ الْمِزَاحَ فِي الْمِصْبَاحِ مَزَحَ مَزْحًا مِنْ بَابِ نَفَعَ وَمُزَاحَةً بِالْفَتْحِ وَالِاسْمُ الْمُزَاحُ بِالضَّمِّ وَهُوَ الدُّعَابَةُ وَالْمُزَاحَةُ الْمَرَّةُ وَمَازَحْت مِزَاحًا مِنْ بَابِ قَاتَلَ قِتَالًا اهـ.
وَفِي الصِّحَاحِ الدُّعَابَةُ بِالضَّمِّ الْمُزَاحُ مِنْ دَعِبَ لَعِبَ اهـ. فَعَلَى هَذَا الْمُزَاحُ اللَّعِبُ.
وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَضْحَكُ فِي وَجْهِ أَحَدِهِمَا فَلَا يَقُومُ لَهُ إذَا قَدِمَ بِالْأُولَى فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْمَزْحُ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يَجْتَنِبُ الْمَزْحَ سَوَاءٌ مَازَحَهُ أَحَدٌ أَوْ لَا وَسَوَاءٌ كَانَ مَعَ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ أَوْ مَعَ غَيْرِهِمَا، وَمُرَادُهُ إذَا كَانَ فِي مَجْلِسِ الْحُكْمِ، وَأَمَّا فِي غَيْرِهِ فَلَا يُكْثِرَ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَذْهَبُ بِالْمَهَابَةِ.

قَوْلُهُ (وَتَلْقِينُ الشَّاهِدِ) أَيْ يَجْتَنِبُهُ؛ لِأَنَّ فِيهِ إعَانَةً لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا كَانَ فِي مَوْضِعِ تُهْمَةٍ أَوْ لَا وَاسْتَحْسَنَهُ أَبُو يُوسُفَ فِي غَيْرِ مَوْضِعِ التُّهْمَةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَقُولُ أَعْلَمُ مَكَانَ أَشْهَدُ لِمَهَابَةِ الْمَجْلِسِ وَهُوَ نَوْعُ رُخْصَةٍ عِنْدَهُ رَجَعَ إلَيْهِ بَعْدَمَا تَوَلَّى الْقَضَاءَ وَالْعَزِيمَةُ فِيمَا قَالَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو عَنْ نَوْعِ تُهْمَةٍ وَفِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَظَاهِرُ الْجَوَابِ تَرْجِيحُ مَا عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الْقُنْيَةِ مِنْ بَابِ الْمُفْتِي وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْقَضَاءِ لِزِيَادَةِ تَجْرِبَتِهِ وَكَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ مِنْ الْقَضَاءِ، وَالتَّلْقِينُ أَنْ يَقُولَهُ لَهُ الْقَاضِي كَلَامًا يَسْتَفِيدُ بِهِ عِلْمًا، وَذَكَرَ الصَّدْرُ أَنَّ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ لَهُ كَيْفَ تَشْهَدُ، وَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ بِمَ تَشْهَدُ، وَأَمَّا إفْتَاءُ الْقَاضِي فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ لَا يُفْتِي أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى وَفِي الْمُلْتَقَطِ فَأَمَّا الْيَوْمُ فَقَدْ ظَهَرَتْ الْمَذَاهِبُ إلَّا إذَا كَانَتْ مَسْأَلَةً لَا يُعْرَفُ جَوَابُهَا فِي مَذْهَبِ الْقَاضِي اهـ.
قَيَّدَ بِالشَّاهِدِ لِبَيَانِ أَنَّهُ لَا يُلَقَّنُ الْمُدَّعِي بِالْأَوْلَى وَفِي الْخَانِيَّةِ وَلَوْ أَمَرَ الْقَاضِي رَجُلَيْنِ لِيُعْلِمَاهُ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَةَ فَلَا بَأْسَ بِهِ خُصُوصًا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ.

[فَصْلٌ فِي الْحَبْسِ]
قَدَّمْنَا أَنَّهُ مِمَّا يَمْلِكُهُ الْقَاضِي عَلَى الْمُمْتَنِعِ عَنْ إيفَاءِ الْحَقِّ وَتَعْزِيرًا فَكَانَ مِنْ عَمَلِهِ فَذِكْرُهُ فِيهِ وَهُوَ فِي اللُّغَةِ الْمَنْعُ، وَهُوَ مَصْدَرُ حَبَسَهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَوْضِعِ وَجُمِعَ عَلَى حُبُوسٍ مِثْلُ فَلْسٍ وَفُلُوسٍ كَذَا فِي الْمِصْبَاحِ وَدَلِيلُهُ الْكِتَابُ {أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} [المائدة: 33] وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْحَبْسُ وَالسُّنَّةُ «حَبْسُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - رَجُلًا بِالتُّهْمَةِ» وَالْإِجْمَاعُ عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي الْمَسْجِدِ إلَى زَمَنِ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَبَنَى سِجْنًا، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ فِي الْإِسْلَامِ وَسَمَّاهُ نَافِعًا وَلَمْ يَكُنْ حَصِينًا لِكَوْنِهِ مِنْ قَصَبٍ فَانْفَلَتَ النَّاسُ مِنْهُ فَبَنَى آخَرَ وَسَمَّاهُ مَخِيسًا، وَكَانَ مِنْ مَدَرٍ وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَلِيٌّ
ـــــــــــــــــــــــــــــQفَصْلٌ فِي الْحَبْسِ) .

نام کتاب : البحر الرائق شرح كنز الدقائق ومنحة الخالق وتكملة الطوري نویسنده : ابن نجيم، زين الدين    جلد : 6  صفحه : 307
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست